أسئلة عديدة تدور حول ظاهرة العولمة، فهل هي إرادة بشرية أم تغير موضوعي بنيوي ونوعي في صيرورة العالم، أم هي طور من أطوار الحضارة الإنسانية جاءت لتتجاوز الدول والقوميات والثقافات الوطنية لتحل بدلاً عنها كمنظومة اجتماعية اقتصادية وسياسية وثقافية يجمعها إطار واحد وصيغة واحدة في هذا العالم على اختلاف شعوبه ودوله وقومياته وثقافاته؟
هل إن العالم أجمع سيتجه حقاً إلى ذلك؟ وما مصير الثقافات والهويات الأخرى من خلال هذه الصيرورة؟
ونحن نقول إنه رغم انقسام الآراء، وتناقض المواقف، حول العولمة إلا أنها استقطبت - بوصفها ظاهرة في طور التكوين - اهتمام شرائح فكرية وفئات اجتماعية متعددة الانتماءات والمشارب والتخصصات من اقتصاديين وسياسيين وعلماء اجتماع ومثقفين لا يربط بينهم سوى اهتماماتهم بجملة التغيرات النوعية المتلاحقة التي يشهدها العالم، في مستويات الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة، والتي تعدت نطاق القوميات، وتجاوزت حدود الدول والأقاليم، وأخذت تؤثر في حياة الناس بنسب ودرجات متفاوتة، بغضّ النظر عن الجغرافيا والعرق واللغة. فقد انبرى عدد من المهتمين بهذا الشأن رافعين راية الرفض باتجاه تركيز السمات المميزة والخصوصيات العريقة لمجتمعاتهم؛ فيا ترى كيف نشأت العولمة وما هي أنماطها أو كيفياتها؟